الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء
فقضي أن أهل الكوفة وفدوا على عمر فوفد رجل ممن كان يسخر به.فقال عمر: ما ها هنا (1) رجل من القرنيين؟فقام ذلك الرجل فقال عمر:إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: (إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له: أويس لا يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم فمن لقيه منكم فمروه (2) فليستغفر لكم).قال عمر: فقدم علينا ها هنا فقلت: ما أنت؟قال: أنا أويس.قلت: من تركت باليمن؟قال: أما لي.قلت: هل كان بك بياض فدعوت الله فأذهبه عنك؟قال: نعم.قلت: استغفر لي.قال: يا أمير المؤمنين! يستغفر مثلي لمثلك؟!قلت: أنت أخي لا تفارقني.فانملس مني فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة.قال: وجعل الرجل يحقره عما يقول فيه عمر فجعل يقول: ماذا فينا ولا نعرف هذا (3) .قال عمر: بلى إنه رجل كذا.فجعل يضع (4) من أمره فقال: ذاك رجل عندنا نسخر به.فقال له: أويس؟قال: هو هو أدرك ولا أراك تدرك.فأقبل الرجل حتى دخل عليه من قبل أن يأتي أهله.فقال أويس: ما كانت هذه عادتك! فما بدا لك؟ أنشدك الله.قال: لقيت عمر فقال كذا وقال كذا فاستغفر لي.قال: لا أستغفر لك حتى تجعل لي عليك أن لا تسخر بي ولا تذكر ما سمعت من عمر إلى أحد.قال: لك ذاك.قال: فاستغفر له.قال أسير: فما لبث أن فشا حديثه بالكوفة فأتيته فقلت: يا أخي ألا أراك أنت العجب وكنا لا نشعر.قال: ما كان في هذا ما أتبلغ به إلى الناس وما يجزى كل عبد إلا بعمله.فلما فشا الحديث هرب فذهب (5).__________(1) في طبقات ابن سعد: " هل ها هنا ".(2) ما بين الحاصرتين من طبقات ابن سعد.(3) لفظ ابن سعد في الطبقات: " ما هذا فينا يا أمير المؤمنين وما نعرفه ".(4) في نسخة للمؤلف: " يصف ".(5) الخبر في طبقات ابن سعد 6 / 161 وما بعدها والحلية 2 / 79 80 وتاريخ الإسلام 2 / 173.
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 24 - مجلد رقم: 4
|